خرافة هندية.. وثقافة العميان
ثمة خرافة هندية تتحدث عن راجا , أو أمير منطقة , قرر أن يعلم شعبه درسا بعد ان وجد خلافا مستعرا بين النسّاك والمثقفين , فبعضهم يقول ان العالم لا ينتهي وخالد ، وبعضهم يقول أنه ينتهي وغير أبدي .
وطلب الراجا من خادمه ان يأتيه بعدد من العميان , ففعل , وجعل كلا منهم يلمس طرفا من فيل وضع أمامهم
قال الذي لمس الرأس ان الفيل يشبه قدرا , وقال الذي لمس الأذن انه يشبه سلة , وقال الذي لمس الناّاب انه يشبه محراثا , وقال الذي لمس الخرطوم انه يشبه انبوب ماء , وقال الذي لمس الجسم انه يشبه صومعة غلال , وقال الذي لمس الذيل انه يشبه فرشاة .
واختلف العميان , وكل يصر على رأيه , وعلا صراخهم , وأخيرا فرق الراجا بينهم , وقال للحاضرين أن مغزى التجربة ان الناس يرون جانبا واحدا من كل موضوع , ثم يختلفون لأنهم عميان .
هذه الخرافة القديمة جعل منها الشاعر الأمريكي جون غودفري قصيدة لا يزال يرددها منذ القرن التاسع عشر .
وكان صديق حدثني عن الموضوع , وبحثت عن القصيدة حتى عثرت عليها , وهي بعنوان " ستة عميان وفيل " وتقول :
كان هناك ستة رجال من هندوستان يحبون المعرفة , فذهبوا لرؤية الفيل , على رغم عماهم , لإرضاء عقولهم .
الأول تعثر وهو يقترب من الفيل , وسقط على جانبيه فلمسه وقال ( يا إلهي الفيل يشبه جدارا ) .
الثاني لمس ناب الفيل ووجده ناعما وحاد الطرف فقال ان الفيل ( يشبه الرمح ) .
الثالث أمسك بخرطوم الفيل في يديه , وقال ان الفيل يشبه أفعى ضخمة .
الرابع أمسك بركبة الفيل , وقال انه مفروغ منه ان الفيل يشبه شجرة .
الخامس لمس أذن الفيل , وقال ان من الواضح حتى للعميان ان الفيل يشبه مروحة .
السادس أمسك بذنب الفيل , وهو يهتز يمينا ويسارا , وقرر أن الفيل يشبه حبلا .
وهكذا كان واختلف العميان الستة وكل يصر على رأيه , وفي حين ان كلا منهم مصيبا جزئيا , فإنهم معا كانوا مخطئين في المجموع .
والشاعر يختتم القصيدة بمغزاها فهو يقول ان كل إنسان يرى من الخلاف ما يهمه , ويعمى عما يهم الآخرين , فالإنسان حتى إذا لم يكن أعمى بصر فهو أعمى بصيرة .
قرأت القصيدة مع خلفية المواجهة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائليين , وإصرار كل طرف على ان يرى هو الحقيقة كلها , لا الجزء الذي يهمه منها فقط .
الأول يرى ان الخلاف على الأمن .
والثاني يقول انه على الأرض .
والثالث يصر على انه الإرهاب .
والرابع يقول انه التحرير .
والخامس يتحدث عن المعاناة المستمرة .
والسادس يترحم على الضحايا .
ولو وجد سابع لترحم على ضحاياه , مع تقديري بوجود ثامن وتاسع وعاشر ومئة وألف , وكل منهم يصر على رأيه , ولا يرى رأيا غيره .
الراجا في الخرافة الفلسطينية ـ الإسرائلية هو الولايات المتحدة , غير انها أعمى من طرفي النزاع , لذلك أتوقع أن يستمر حتى يأتي من يرفع الغشاوة عن العيون .
وأزيد من عندي مغزى آخر هو : إذا رأيت الأعمى يقود الأعمى , ابعد عن طريقهما
ثمة خرافة هندية تتحدث عن راجا , أو أمير منطقة , قرر أن يعلم شعبه درسا بعد ان وجد خلافا مستعرا بين النسّاك والمثقفين , فبعضهم يقول ان العالم لا ينتهي وخالد ، وبعضهم يقول أنه ينتهي وغير أبدي .
وطلب الراجا من خادمه ان يأتيه بعدد من العميان , ففعل , وجعل كلا منهم يلمس طرفا من فيل وضع أمامهم
قال الذي لمس الرأس ان الفيل يشبه قدرا , وقال الذي لمس الأذن انه يشبه سلة , وقال الذي لمس الناّاب انه يشبه محراثا , وقال الذي لمس الخرطوم انه يشبه انبوب ماء , وقال الذي لمس الجسم انه يشبه صومعة غلال , وقال الذي لمس الذيل انه يشبه فرشاة .
واختلف العميان , وكل يصر على رأيه , وعلا صراخهم , وأخيرا فرق الراجا بينهم , وقال للحاضرين أن مغزى التجربة ان الناس يرون جانبا واحدا من كل موضوع , ثم يختلفون لأنهم عميان .
هذه الخرافة القديمة جعل منها الشاعر الأمريكي جون غودفري قصيدة لا يزال يرددها منذ القرن التاسع عشر .
وكان صديق حدثني عن الموضوع , وبحثت عن القصيدة حتى عثرت عليها , وهي بعنوان " ستة عميان وفيل " وتقول :
كان هناك ستة رجال من هندوستان يحبون المعرفة , فذهبوا لرؤية الفيل , على رغم عماهم , لإرضاء عقولهم .
الأول تعثر وهو يقترب من الفيل , وسقط على جانبيه فلمسه وقال ( يا إلهي الفيل يشبه جدارا ) .
الثاني لمس ناب الفيل ووجده ناعما وحاد الطرف فقال ان الفيل ( يشبه الرمح ) .
الثالث أمسك بخرطوم الفيل في يديه , وقال ان الفيل يشبه أفعى ضخمة .
الرابع أمسك بركبة الفيل , وقال انه مفروغ منه ان الفيل يشبه شجرة .
الخامس لمس أذن الفيل , وقال ان من الواضح حتى للعميان ان الفيل يشبه مروحة .
السادس أمسك بذنب الفيل , وهو يهتز يمينا ويسارا , وقرر أن الفيل يشبه حبلا .
وهكذا كان واختلف العميان الستة وكل يصر على رأيه , وفي حين ان كلا منهم مصيبا جزئيا , فإنهم معا كانوا مخطئين في المجموع .
والشاعر يختتم القصيدة بمغزاها فهو يقول ان كل إنسان يرى من الخلاف ما يهمه , ويعمى عما يهم الآخرين , فالإنسان حتى إذا لم يكن أعمى بصر فهو أعمى بصيرة .
قرأت القصيدة مع خلفية المواجهة المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائليين , وإصرار كل طرف على ان يرى هو الحقيقة كلها , لا الجزء الذي يهمه منها فقط .
الأول يرى ان الخلاف على الأمن .
والثاني يقول انه على الأرض .
والثالث يصر على انه الإرهاب .
والرابع يقول انه التحرير .
والخامس يتحدث عن المعاناة المستمرة .
والسادس يترحم على الضحايا .
ولو وجد سابع لترحم على ضحاياه , مع تقديري بوجود ثامن وتاسع وعاشر ومئة وألف , وكل منهم يصر على رأيه , ولا يرى رأيا غيره .
الراجا في الخرافة الفلسطينية ـ الإسرائلية هو الولايات المتحدة , غير انها أعمى من طرفي النزاع , لذلك أتوقع أن يستمر حتى يأتي من يرفع الغشاوة عن العيون .
وأزيد من عندي مغزى آخر هو : إذا رأيت الأعمى يقود الأعمى , ابعد عن طريقهما